الخميس، 20 نوفمبر 2008

منحنا جديدا

أتعرف يا أحمد؟
- نعم...قالها الآخر في وداعة منقطعة النظير...وهو يمضغ علكة صغيرة بجدية شديدة.
اسلوب كتابتك جميل للغاية ...يشبه مراكب من الفلين علي سطح مياة بحيرة هادئة ....شديد الرشاقة ...منزلق , كلماته تكاد لا تلمس الأرض أبدا من فرط تحليقها الشاعري .
أخذ الآخر يهز رأسه في موافقة ولا زال مع العلكة في حوار
مابال العلكة معك يا أحمد....لا أراها تفارق فمك .
- تأخذ واحدة ؟ . قالها وهو يعطيه واحدة بالفعل , فأخذها الأول في
رضا , وفض غلافها في حبور , ثم وضعها في فمه بسعادة
واستمر الحوار الأدبي بينهما وإن اتخذ منحنا جديدا في غاية الأهمية...منحنا علكيا

مرفوض

- مرفوض
- السيناريو بتاعك مرفوض يا أستاذ
ولماذا يا حضــ....؟
- لماذا ؟ تقول لماذا؟ أين الراقصة والكباريه يا أستاذ
ارتفع حاجبا (وجدي) في دهشة: نعم ...راقصة ....كباريه
- بالطبع...وهل يوجد سيناريو فيلم أو مسلسل يتحدث عن الإحتلال والمقاومة بدون راقصة أو كباريه
في دفاع بدا مستميتا : سيادتك ...هذا ليس ضروريا , لقد كان هناك العديد من التيارات الوطنية مندمجة في مهمة مقاومة الإحتلال . ومن هذه التيارات بل وأهمها من كان بعيدا كل البعد عن الراقصة والكباريه
وغمز (وجدي) بعينه إلي الأستاذ (مصطفي) المنتج .
غير أن الأخير لم يبد عليه الفهم , إذ أنه شهق وقال مبهوتا : يالك من جاهل , بالتأكيد أنت غير مطلع...! إنه يكاد يكون قانونا , بل هو قانون بالفعل أن تخرج المقاومة ضد الإحتلال من أي كباريه وسواء كانت الراقصة مصرية وطنية ...أو أجنبية موتوره, فلابد وأن تكون أهم عضو في المنظمة , ومن دونها المهمة الأخيرة تفشل .....ثم أضاف بعد أن لاحظ ملامح وجه (وجدي) ألا تفهم يا بأف؟
بأف....شعر (وجدي) بالإهانة غير أنه لم يستسلم لإحمرار أذنيه . وأخذ يحاول جاهدا ...بلا فائدة
وعندما هب من الأرض واقفا مغبر الثياب – بعد أن جعل الأستاذ (مصطفي) رجال الأمن يلقونه خارجا- لم يكن قد إستسلم بعد

شكر

بابتسامة قاسية علي جانب فمه تكلم....
شكرا لك يا (حمدي) ...قال حمدي في استهتار: علام تشكرني أيها المغفل؟
قال الأول : أشكرك لأنك ترفع عن كاهلي أسباب تأنيب الضمير
قال (حمدي) في بلاهة : أي تأنيب ضمير ...هل أنت معتوه يا (محسن)؟
قال (محسن) في لهجة جمدت دماء (حمدي) وهو يهز رأسه : حقيقة أردت أن آذيك .. ولكنني خفت تأنيب الضمير , فإذا بأفعالك تلك تعطني حججا كافية لأن أتخلص نهائيا من أي عاطفة قد تسبب لي ندما عندما أفرغ منك...
وكلما تخطئ في حقي أكثر كلما زدت إرتياحا . لأني أجدك بذلك مستحقا لما سأفعله بك .

دكتور أطفال

(دكتور أطفال ...لا يمكن أبدا) قالها بعصبية وهو يشيح بوجهه غير أن والده , قال بصوته الحاني : ولم يا (عبد الرحمن) , لماذا لا تتخصص في طب الأطفال ؟
لم يدر (عبد الرحمن ) ماذا يقول... كيف يخبر أباه بما يدور في ذهنه؟ لا لن يتقبل عقله البسيط منطقي...
كيف اخبره بأن أي طبيب أطفال متدين , أو مطمئن النفس هو إما جاهل أو مدعي...
لم يتصور (عبد الرحمن ) أبدا فكرة طفل يتعذب . كان يتساءل دائما .. لماذا؟ .. لماذا ؟ ....إن رؤية المرض في شخص كبير , ربما تكون مقبولة . ربما تكون مناسبه , ربما فعل شيئا ما جعله يستحق ذلك ... أقول ربما ... , لكن ....ما بال طفلا ولد لكي يعذب ثم يموت.
نعم يموت...كثيرون أمام عينيه ولدوا لكي يعذبوا ثم يموتوا...
لم يتقبل ذلك حتي وإن برر له ألف شيخ وشيخ , ومهما قال علماء الدين لم يجد الأمر منطقيا أبدا .
فكيف بعد كل هذا يطلب منه أباه , أن يتخصص في طب الأطفال , لا . هذا فوق ما يحتمل....

حافظ

حافظ رجل طيب...
سمعتهم يقولونها.وينظر أحدهم تجاهي
نعم لا بد وأن أكون طيب
أخذت أصنع بوجهي حركات مضحكة أتت أكلها في سحنة من أنظر إليه...
بعد كل هذا المجهود, لابد وأن أصبح طيبا, إن لم أصبح طيبا بعد كل هذا العناء فأنا فاشل.
غير أن الحقيقة التي تقلقني دائما , هي أنه بمجرد أن أتوقف عن هذا المجهود, فإنني لا أضمن بقائي طيبا ثا نية واحدة
إن الحقيقة المرة تتمثل في أن كوني طيبا يرجع إلي مجهود مستمر في التغيير , وأنني لو تركت نفسي لسجيتها فلن أكون كذلك

جحر

- تسمح يا أستاذ ؟
انا لا أسمح...قلتها دون أن ألتفت...واستمرت خطواتي إلي الأمام
, كنت رأيتها من بعيد وعلمت أنها ستقولها عندما أمر من جانبها...لا لم تكن مسألة (شحاذة) ..أقصد أنها لم تكن سائلة تقليدية ...بمعني أنها لا تجلس هناك مادة كفها وتقول لله....
وتخيلت الموقف.لو كان الأستاذ قد سمح , لعلها كانت ستقول أنها من منيا القمح وأنها لا تملك مالا من أجل السفر وقد تسألني أيضا ثمن التذكرة الذي لن يزيد عن جنيه ونصف...
ربما تقول لي ..... مابال تخيلك مركبا هكذا , وما ضمنك أنها لم تكن لتسأل عن الساعة فقط , ...ثم افترض أنها مثلما قلت , أوليس عليك أن تدفع لها ثمن التذكرة كما تريد....
حقيقة أنا ليس خيالي بهذا الإنطلاق , وما كان لي أن أدفع لها ثمن هذه التذكرة أبدا , .....لأنني دفعتها من قبل
طبعا لا حاجة لأن نقول ....المؤمن لايلدغ من جحر مرتين .

أغنية

هممت بالخروج من الباب عندما استوقفتني إشارة من اختي الصغيرة
- إنتظر ....استمع إلي هذه الأغنية الجميلة .
كان شريط (إيمان البحر درويش) يدور في التسجيل وكنت قد استمعت معها إلي عدة أغان فيه قبل أن أقوم من مكاني منتويا الخروج
(يا ولد عمي ...يا بووووي) أعلم هذه الأغنية (هات الباسبرتا للقطر يفوووت )
وبالرغم عني تكلمت لم أرد أن استمع إلي هذه الأغنية ولاأن تستمع هي إليها حتي...
كنت قد فتحت الباب مع بداية الأغنية .. قلت : الجو بارد في الخارج ...بارد جدا (عهد الله وعهد الأنبيا . مانفوتهاش ولا بالنبوووت) بارد جدا حقيقة ...ومع ذلك سوف أخرج وبينما كنت أخرج بالفعل من الباب استمعت بالكاد إلي قوله (هي السمكة تفوت الميه ..دحنا من غير مصر نموووت)

الأربعاء، 19 نوفمبر 2008

حوار مع فكرة



بينما كنت مندمجا في عملي أتصبب عرقا و إرهاقا

تساقطت أمامي قطرات الإرهاق لترسم قصورا و أبوابا

و عوالم لا تحصي من الألوان المزهرة بالخصوبة و التجدد

وجاء صوتها الملائكي ليضفي علي الوقت خلودا سماويا كانت تقول

اعلم انك ستفعلها ....

نظرت إليها بعينين و لسان يقول : أعلم انك جميلة........... فتبسمت

*******

قالت لي يوما : لم تلبس الأفكار أثوابا من التعقيد

فأجبتها : لأنها كذلك تلبس

نظرت ... جميلة هي عندما تنظر

فقلت : إن شئت جردتها من ملابسها

فتفكرت في دلال .. لعمري لم أعرف بأنه يمكن للمرء أن يفكر في دلال

الا عندما رأيتها...

قالت: بل دعها في ملابسها و زدها

قلت : هكذا يزداد التعقيد

قالت :لا بأس من التعقيد و إلا صار كل شيء سهلا مبتذلا

فتنهدت قائلا : هذا ما كنت أود أن أقوله منذ البداية



عن التفاؤل



جالسا أمام مكتبي المزدحم بكل ما هو يزحم , تناولت المظروف وفتحته بأيد مرتعشة من الإثارة , وأخرجت الخطاب.... أخيرا وصل رد الفيلسوف , هذا الرد الذي انتظرته طويلا من فيلسوفي المحبوب , الذي طالما أفادني في أمور التفلسف

........لم أتصور أن يأخذ كل هذا الوقت حتى يجيب عن تساؤلي الأخير.

كنت قد اكتفيت به معلما منذ بدأت في تعاطي الفلسفة , ما أن أرسل له خطابا بتساؤل ما , حتى أجد الإجابة قد وصلت.....

أتعلم ما هو السؤال الأخير الذي تأخرت الإجابة عنه كل هذه المدة...لقد أرسلت إليه قائلا : لي صديق يقول عن نفسه انه متفائل , فسألته ماذا يعني بهذه الكلمة , فلم يستطع الرد.. يقول انه قرأها في كتاب قديم وجده في قبو بيت ما.

فهل تستطيع سيدي الرئيس , الروحاني النفيس , أن ترسل لي حديثا حول معني هذه الكلمة ؟

ارتفعت دقات قلبي كعادتي كلما أعرف من أمور الحكمة شيئا لم أكن اعرفه .. ها هو الخطاب .. وها أنا ذا أبدأ في قراءته

(( أتعبتنا يا مريد في هذا السؤال , وبلوتنا به شر البلوى بسوء الحال , فقد أحط بي من الحزن ما كنت قد سلوته من ذكري هذا اللفظ المحال..

اعلم أن التفاؤل لفظه قديمة قدم الزمن , فعندما رأي آدم حواء , فانه قد تفاءل بها خيرا , بصرف النظر عما قيل بعد ذلك من أنه قال لها يوم خروجه من الجنة : كان يوم اسود يوم ما شفتك.

واستمر التفاؤل بالأشياء عهدا طويلا , وكان يسمي فألا , حتى أتي الإسلام بكراهيته للفأل خوفا من اعتقاد الناس بقدرة الأشياء علي تغيير القدر الذي هو بيد الله وحده , فكان التطور الطبيعي بعد حرمانية التفاؤل بالأشياء , أن يتفاءل الناس بدون أشياء (بدون سبب) .. كأن يقول الواحد من دول أنا متفائل وبس , لكن ماقتنع به الحكماء من القديم , أن التفاؤل كالضحك , أي أن التفاؤل بدون سبب قلة أدب ..

وطبعا لأننا في الوطن العربي ناس مؤدبين جدا , فانه قد تم تحريم التفاؤل تحريما كليا علي المواطن العربي , وعلي النقيض هناك الغرب حيث تنتشر قلة الأدب (والحاجات دي) , وعلي ذلك فالمواطن الغربي هو مواطن متفائل ما لم يثبت العكس. لكن طبعا نحن في زمن مش قد كده والناس لم يعودوا مؤدبين زي زمان , ولذلك قد تسمح بين الحين والآخر , من يقول بأنه متفائل.

لكن علم النفس دائما يأتي بالجديد فكما أنه يقول أن المجرمين ليسو مجرمين , بل هم مرضي نفسيين , نجده هنا أيضا يقول أن المتفائل العربي ليس قليل الأدب , بل هو مريض نفسي يحتاج للعلاج , وأصبح التفاؤل من العلامات المرضية الأساسية لتشخيص حالات العصاب والذهان في الوطن العربي.

كما يجب أن نبتعد عن ربط هذا المرض النفسي , أو مظهر قلة الأدب هذا المسمي بالتفاؤل بالألوان , حيث انتشر في الآونة الأخيرة من يدعي بأن طلبة الطب يجب أن يوصفوا بالتفاؤل لأنهم يلبسون بالطو أبيض!! , ناقص يقولوا أن فريق الزمالك فريق متفائل!!

علي أن الدنيا لازالت بخير , إذ أن أغلب وجوه الناس في (الوطن العربي)

لا تنطق أبدا بالتفاؤل , وهذا يظهر جليا إذا سرت في الشارع متأملا وجوه الناس , كآبة إيه وحزن إيه , وحواجب مدلدلة ووشوش مكرمشة , قمة في الأدب والاحترام . ولا تتعدى نسبة الضاحكين أو المبتسمين في وطننا الحبيب نسبة المرضي النفسيين في أي دولة أوروبية , كما أثبتت آخر التقارير .

وفي النهاية قل لصديقك أن (المتفائل) لغويا لا تسعها لغة واحدة , فهي تتكون من شطرين من لغتين منفصلتين , الأول (متفا) : ومصدرها متف بالعربية , والشطر الآخر (ئل) : ومصدرها ill بالإنجليزية , وتعني مرض , أي أنه المرض الذي إذا أصبت به في الوطن العربي فإن الناس سوف يتفون عليك ..

عسي أن يهديه الله ويخرج من رأسه هذه الخزعبلات

تمت وبالخير عمت

نروي عن الكاتب





يقول الكاتب

من واجبي نحو الورق أن أملأه كتابة

بلزاك

تحدث الكاتب إلي زملائه فقال

إذا استطاع أحدكم أن يكتب شيئا مملا , فإنه قد يستطيع أن يكتب شيئا ممتعا , أما إذا لم يستطع أن يكتب شيئا ما , فإنه لن يستطيع أن يكتب شيئا علي الإطلاق. طبعا لا حاجة هناك إلي أن نقول أنه سألهم بعد ذلك إن كان منهم من قد فهم شيئا

برنارد شو

تحدث الكاتب إلي زملائه فقال

إن لم يشعر أحدكم بالسعادة وهو يكتب , فهو ليس بكاتب .

توفيق الحكيم

يقول الكاتب لحبيبته

لا أستطيع أن ألومك علي تكسير كل ما أهديه إليك , إذ أنني كلما أهديتك شيئا كان قابلا للكسر

طه حسين

يقول الكاتب لمطلقته

غزلت ثوبا من العلم فذاب . غزلت ثوبا من الفكر فهلك . غزلت ثوبا من الحكمة فتنخل . غير أنه لم ينتهي ألا وكان قد أرشدني إلي ثوبا من اللامبالاة لم يزل كما هو منذ أن لبسته .

رونيه جارودي

يقول الكاتب لصديقه

دارت برأسي فكرة أن أكون أنا المهدي المنتظر , فلم تستمر سوي دقائق , وعندما دارت برأسي فكرة أن أكون أنا المسيح الدجال , فإنها استمرت لسنوات وسنوات ...

محمد عفيفي

ملاحظة هامة

جميع الأسماء التي كتبت في نهاية الفقرات لا تدل علي صاحب المقولة , ولا تدل علي أي شيء آخر , ولا أدري لماذا كتبتها ... وإن كنت أجد الأمر طريفا إلي حد لم يمكنني مقاومته , أما لمن تعود هذه العبارات , فإنها تعود بلا شك إلي كاتب هذه السطور .. ظننت الأمر مفهوما.