الاثنين، 12 يناير 2009

قد تختلف هذه المرة


أحاول أن أفتح عيني...
, غير أن هذه الرغبة بدت كمجابهة المستحيل وكأن جفني محبوبان يحاولان العفاف في مكان خلي من الناس
أعرف هذه الحالة , تلك التي يتأرجح فيها الوعي بين الغفلة و الإنتباه , أحيانا قد تطول معي إلي درجة تقلقني شخصيا ... ربما كان علي أن أستشير طبيبا .
غير أن أكثر ما يميز هذه الحالة عندي – وهو أمر أعتقد أنني أختص به دون غيري – هو أن أي صوت يتناهي إلي سمعي أثناء هذه المعاناه أسمعه وكأنه قرآنا يتلي ..... ودائما ما أكتشف غير ذلك عندما يكتمل الوعي عندي.
كنت أتندر بهذا الأمر دائما بين أصدقائي , ويوما أخبرني أحدهم وكان متدينا , بأن هذه العلامة تشير إلي أن هناك أمرا روحانيا يحيط بي ,
ربما هي العناية الإلهية التي قد تجعلني ( وليا ) يوما ما... هكذا قال...
وبينما كنت مندمجا في المحاولات اليائسة لفتح عيني أو تحريك أحد أطرافي , سمعت ذلك الصوت مرة أخري .... كان قرآنا بلاشك
قلت لنفسي : لا .... ليس مرة أخري ... غير أن الصوت بدا واضحا هذه المرة ... وبعيدا ... وعلي الرغم من بعده غير أنني إستطعت تمييز بعض الكلمات بخلاف المرات السابقة , التي لم أكن أميز فيها سوي إسلوب القراءة القرآنية .
أعتقد أن ما أسمعه الآن هو (سورة الحديد ) أظن أنني قد سمعت ( وأنزلنا الحديد ) .. بل إن القارئ يكررها ... وهكذا... قلت لنفسي : قد يختلف الأمر هذه المرة وبمعاندة طفولية قاومت النوم , وانتقلت رويدا رويدا إلي الوعي حتي صفت حواسي ... الآن يمكنني السماع بوضوح
كان صوتا ميكروفونيا يقول :
أي حاجة قديمة للبيع ....
حديد قديم للبيع ....
بلاستيك قديم للبيع ......للبيع

نهاية أخري


نهاية أخري قصة قصيرة

انطلق بالسيارة كالمجنون ... ممسكا عجلة القيادة بكلتا يديه في قوة .... وكأنها سوف تهرب....
هل الأمر يستحق... لا يدري إن كان الأمر يستحق أم لا ...هو خاطر طرأ علي ذهنه ... إن كان صحيحا , فإن أسوأ كوابيسه علي وشك الظهور..
يجب أن أصل إلي تلك الشقة ... يجب علي حرق هذه الأوراق بأي ثمن ... قبل أن يصلوا إليها...
أوراق قديمة ... كتبها ونسيها ... لا لم ينسها ...لا يجب أن ينساها لأنه إن نسيها فإن أعداءه لن يفعلون . وبدأ يتذكر ... ما كتبه في تلك الأوراق ...
( كانت قصة ... قصة عن شاب مهاجر نجح في الغربة إلي أقصي حد ... ذلك الحد الذي جذب إليه الإنتباه في هذه الدولة التي هاجر إليها . وبعد دراسة ظروفه وملابسات حياته , وجد المهتمون أن هذا الشاب يصلح جاسوسا .... وبقيت عملية تجنيده ...
تلك العملية التي استغرقت الكثير من الوقت بلا جدوي , علي الرغم من اختلاف الوسائل , كان الشاب يتملص منهم دائما بشكل أشعرهم بذكائه وجعلهم أكثر اقتناعا به .
كان دائما يقول لهم , أنا لا أريد أصلا الرجوع إلي الوطن , بالرغم من أني لا أمانع في أن أكون جاسوسا ... ثم بابتسامة ربما لو أردتموني جاسوسا في بلادكم يمكنني القبول.
واستمر الأمر هكذا حتي تفتق ذهنهم عن خطة جهنمية , ولأنهم فقدوا صبرهم بالفعل , وليشعروا الشاب بجدية ما يفعلون , تغاضوا عن مرحلة التهديد في خطتهم الشنيعة..
مكالمة تليفونية جاءت للشاب , جعلته يهب مذعورا , ويهرول إلي أقرب سنترال , وعندما اتصل بأهله كان الصراخ يملأ أذنيه من الطرف الآخر
قالوا له إن أخاك الصغير قد مات .....منذ خمس دقائق
وبمجرد أن وضع السماعة جاءه إتصال آخر علي تليفونه المحمول, يقول
: ليست هذه سوي بداية لأحداث , لو أردت لها أن تتوقف . يجب عليك أن تتعاون معنا......وقد كان).
كان في ذلك الوقت قد إقترب بسيارته من الحي السكني الذي تقع فيه شقته
تلك التي تعتبر كابينة , في مجمع سكني مكون من دور أرضي واحد.. كانت أول مسكن يقطنه بعد أن هاجر لذلك ظل محتفظا بها كتذكار ولم يفرط به أبدا بالرغم من أنها كانت تقع في مدينة صغيرة , ولم يكن يذهب إلي هناك إلا لماما , إذ كان يعيش في العاصمة بعد نجاحه الكبير ككاتب.
وبالرغم عنه , وبينما كان يترجل من السيارة بعد أن أوقفها في المكان المخصص للسيارات , أخذ يتذكر قصته تلك التي كان قد بدأها ولم يستكملها , ووضعها مع العديد من القصص التي وجدها غير صالحة للنشر , في شقة الذكريات تلك .
بل أخذ يتذكر أفكاره حول نهاية هذه القصة , تلك الأفكار التي لم يضعها علي الورق , لقد كان يفكر في قيام الشاب بالإنتقام بعد ذلك عن طريق العمل كجاسوس مزدوج. ثم بأعصاب من حديد يقوم بقتل جميع من كانوا مسئولين عن عملية تجنيده إنتقاما لمقتل أخيه وذلك بمساعدة جهاز مخابرات دولته.
كان قد وصل الآن إلي باب الشقة , وبأصابع مرتجفة أخرج المفتاح وفتح الباب بصعوبة.. فقط ليتتطلع إلي ماوراء الباب في هلع.
كان كل شئ مقلوبا رأسا علي عقب , إنها إذن بداية الكابوس كما توقعها , ومع تصاعد الألم داخل صدره تصاعد رنين هاتفه الجواال.
(( هاهاهاه ...لا ندري لماذا تذكرت هذا المكان في ذلك الوقت بالذات؟ غير أنه من المؤسف- لك طبعا – أننا قد تذكرناه قبلك .. إن لك عقلية جاسوس محترف كما توقعنا بالضبط .. لا ندري كيف لم نفكر في هذه الفكرة منذ البداية...))
كانت الرؤية تتحول إلي اللون الأبيض , والألم يتصاعد في صدره, وتهدم كالبنيان عندما يتهدم , لم يستطع سماع باقي المكالمة فقط كلمة واحدة وصلت إلي ذهنه علي الرغم من التشويش الذي يعصف به , كلمة (أختك) صنعت هذه الكلمة مع الألم المشتعل في صدره مزيجا غريبا .
هو ليس كبطل قصته يحمل أعصابا فولاذية تسمح له بالإستمرار والإنتقام . ثم إن بطل قصته لم يكن عرضة للإصابة بالذبحة الصدرية المتكررة ولم يكن ليفقد تركيزه عندما يطرأ علي ذهنه خاطر مخيف بحيث ينطلق ليتأكد منه دون أن يحضر معه دوائه الذي يحمله معه دائما ....
وبدا له أن الموت حل آخر للقصة لم يطرأ له علي بال ...لا يظن أن الأعداء سوف ينتقمون منه لأنه قد مات بقتلهم باقي أفراد أسرته ..
وعندما كان يغلق عينيه وعلي الرغم من كل الألم الذي يعربد في كيانه , كان يبدو عليه الشعور بالراحة ..
تمت