الاثنين، 15 مارس 2010

تحسن ملحوظ


كان ممدا علي الفراش ينتفض من الأنفعال
بينما هي تراقبه وتتنازعها رغبتان بين سماعه (الآن) الذي يتطلب اجهاده ، ونهي الطبيب (هذا الصباح) عن كل ما يجهد.
وأخذت المسافة بينها وبين كلمات الطبيب تتسع حتي بعدت الشقة علي إثر قفزات الثواني وخطوات الدقائق ووجدت نفسها في وسط الحكاية دون أن تدري.
أخبرها بأنه يعمل ساعيا في إحدي المصالح الحكومية ، وبالتحديد في أحد المكاتب التي لاتجد إقبالا شديدا من المواطنين .
وكادت تبكي من حميمية الصدق في نبرته وهويقسم أنه أبدا لم يأخذ أي (اكراميات) من أجل إعادة الحركة إلي أوراق يبستها رائحة الأدراج بالرغم من ندرة هذه (العطايا).
وبالرغم من أن جميع الموظفين هناك يتلهفون عليها.
: هل هم كثير؟
: من....؟
: الموظفون الذين تعمل معهم؟
: لا...
وبدت وكأن عيناه لا تريان شيئا وهو يضيف عم ( مسلمي ) مدير المكتب وثلاثة آخرون.
: من هم ؟
أكمل غير عابئ بصوتها المتهدج.
: عبد المعز وجمال و...
ثم اكتسى صوته بنبة غاضبة.
: ولا احب أن أذكر الثالث.
: لماذا؟
: إنه الشيطان بعينه..
ثم بانفعال واضح
: إنه هو الذي دفعهم للإنتحار..
وبصوت خفيض لا تكاد تسمعه.
: دفعهم للانتحار... ثم انتحر هو الآخر.
واحتد عليها فجأه.
: ماكان من الممكن أن أتركه يفعلها ، بالرغم من أنني أكرهه ولكنه كل من تبقى لدي .... ركبت معه السيارة محاولا أن اثنيه ولكنني فشلت.
قالها وهو يتذكر كيف لكم الآخر في فكه بقبضة أوجعت كليهما ثم ألقاه داخل السيارة ، وكأنه يلقي بآخر مشكلاته.
: أقنعهم جميعا بالانتحار بأفكاره العجيبة عن العبث..، هو أحدثهم في العمل بالمكتب ، ومنذ مجيئه وأفكاره السامة تنعكس في عيونهم وابتساماتهم في صورة انتحارات فاشلة .
حتي عم ( مسلمي ) كان ينتحر في اليوم ألف مرة.
سألته واجفة وهي تضع يدها على قلبها..
: ماذا كان اسمه ؟... أخبرها مشمئزا..
: شاكر..
: إذن فأنت ؟
: أنا اسمي عمرو
ارتعشت شفتاها مع ذكره للإسم ، وانحنت عليه في لهفة ، منعت عنها نفسها منذ لقائه.
حينها لم يتمالك الطبيب - الذي كان يراقبهما منذ دقيقة - نفسه ، واندفع إلي الحجرة قائلا.
: هذا يكفي يا مدام .. زوجك يحتاج إلي الراحة .
ابتعدت عن زوجها لتسر إلي الطبيب فرحتها .
: إنه يقول أنه عمرو ، هل يعني هذا أنه قد شقي يا دكتور ؟ ، ولكنه لا يزال يقول أشياء عجيبة مثل أنه يعمل ساعيا .. همس إليها
: إن هذا النوع من المرض النفسي لا يمكن الحكم على تحسنه بسهولة ..
لم يكن يسمعهما ذلك الراقد على الفراش ، غير أنه كان يبتسم بسخرية في غفلة عن عيونهما ، بينما كان يتذكر وجه (عمرو) الفاقد الوعي ... من خلف زجاج السيارة المنطلقة ، بعد أن ثبت العصا فوق دواسة الوقود.

تمت